وقد أشار إلى هذه المؤامرة المدبَّرة الكاتب المسلم اليقظ الأستاذ فهمي هويدي في مقالاته، التي تنشر في «الأهرام»، وفي عدد من الصحف العربية في الأردن والخليج، ونبَّه أن هناك «تنظيمات متطرفة» للعِلمانيين، ينبغي أن تُدان، كما دينت تنظيمات دينية متطرفة؛ مثل: التكفير والهجرة. وقال: إنّ الفرق بين الاثنين هو: أنّ الأولين «الدينيين» شباب مندفع، سلك طريقه على سبيل الخطأ، وأنّ الآخرين شيوخ مجربون ـ بعضهم محترفون ـ اتخذوا مواقعهم عمدًا، ومع سبق الإصرار والترصد.
قال: وليس في الأمر مبالغة، فنحن نستطيع أن نرصد ـ خلال العامين الأخيرين، على سبيل المثال ـ فريقًا من هؤلاء، فرغ جهده، ونذر نفسه، للنيل من الشريعة، وتسفيه التجربة الإسلامية، وتحقير التاريخ الإسلامي ورموزه «أهرام 2/9/1986م».
ولما دعت اللجنة الثقافية في نقابة الأطباء بالقاهرة إلى عقد ندوة، يتحاور فيها الإسلاميون والعِلمانيون، دعتني مع فضيلة أستاذنا الشيخ الغزالي لتمثيل الجانب الإسلامي، كما دعت عددًا من دعاة العِلمانية، منهم: د. فرج فودة، و د. وحيد رأفت، و د. فؤاد زكريا. واعتذر أكثرهم، ولم يحضر منهم إلا الأخير. وقد رحبتُ بهذا الحوار، وهذه الندوة، حيث يلتقي الطرفان وجهًا لوجه، لمناقشة قضية، هي أخطر قضايا الساعة.
وفي اليوم المحدَّد للندوة، شهدت قاعة «دار الحكمة» جمهورًا، قلَّ أن يتوافر لمحاضرة أو ندوة، ضاقت به الدار وما حولها، وجلس الناس على الأرض، وصعدوا إلى السطوح، ووقفوا في الشارع، وانصرف الكثيرون، حيث لم يجدوا لهم شِبرًا من الأرض.
كانت الندوة أشبه باستفتاء شعبي على «الإسلام والعِلمانية»، أيهما يختاره الشعب، وقال د. فؤاد زكريا، في بداية حديثه: إنّ العنوان يوحي بأن الإسلام في مواجهة العلمانية، وهذا يعني أن المعركة محسومة من أول الأمر لصالح الإسلام. وهو اعتراف صريح منه، بأنه عند المفاضلة بين الإسلام وغيره، فإن الكفة الراجحة ـ دائمًا ـ تكون هي كفة الإسلام.