وقال الإمام عبد الله بن المبارك:
وهل أفسد الدينَ إلا الملوكُ
وأحبارُ سوء ورهبانُها؟
لقد رتع القومُ في جِيفةٍ
يَبِينُ لذي اللُّبِّ إنتانُها(1)
وهذه الجيفة هي «الدنيا» التي يتهافت عليها المتهافتون، ويتصارع من أجلها المتصارعون، ويَهْلِك فيها الهالكون.
والحقيقة الثانية: هي هشاشة هذه الأنظمة العلمانية المتجبِّرة، ووهن أساسها، حتَّى إنَّ كلمة حق تقال في مجمع تزلزل قوائمها، وتهز أركانها، فهي تعيش على النفاق والزيف، وتضليل العرب والمسلمين عمَّا تدور به رحى الأحداث في الساحة التونسية، فالناس لا يعرفون أنَّ الصلاة في المسجد تُعدُّ جريمة في نظر النظام التونسي، وأنَّ الشباب خوفًا من الملاحقة باتوا يصلون في بيوتهم، وأنَّ البيوت التي تضاء عند الفجر يوضع أصحابها في القوائم السوداء... وأنَّ الفتاة التي ترتدي الخمار على رأسها تُحْرَم من دخول المدرسة والجامعة والوظيفة في الحكومة أو في أي مؤسَّسة عامَّة، بل تمنع من دخول المستشفى ولو للولادة، بل يحرص سائقو «التاكسي» على منعها من الركوب.
إنَّ هذه الأنظمة العلمانية المتجبِّرة في الأرض، المستكبرة على الخلق، أشبه شيء بأصنام المشركين في الجاهلية التي كان الناس يخشَوْنها ويرجونها، ويعتقدون فيها القدرة على النفع والضر، وهي في الحقيقة لا تملك لنفسها ـ فضلًا عن غيرها ـ ضُرًّا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياة ولا نُشورًا.