وقد لمسنا في عصرنا محنة الفرد المسلم في المجتمعات التي لا تلتزم بالإسلام منهاجًا لحياتها، ناهيك بالمجتمعات التي تعادي شريعته، وتطارد دعوته، وكيف يعيش هذا الفرد في توتُّر وقلق وحَيرة، نتيجة لما يحسُّ به من تناقض صارخ، بين ما يؤمن به من أوامر دينه ونواهيه من جهة، وما يعايشه ويضغط عليه من أفكار المجتمع ومشاعره وتقاليده وأنظمته وقوانينه، التي يراها مخالفة لتوجيهات عقيدته، وأحكام شريعته، ومواريث ثقافته، من جهة أخرى.
الإنسان ـ كما قال القدماء ـ مدنيٌّ بطبعه. وكما قال المُحدَثون: حيوان اجتماعي. أي أنه لا يستطيع أن يعيش وحده، بل لا بدَّ أن يتعاون مع غيره، حتى تستقيم حياته، وتتحقَّق مطالبه، ويستمرَّ نوعه. وقد قال الشاعر العربي:
الناس للناس مِنْ بدوٍ وحاضرةٍ
بعض لبعض ـ وإن لم يشعروا ـ خدمُ !
والإسلام لا يتصوَّر الإنسان وحده، إنما يتصوَّره في مجتمع، ولهذا توجهت التكاليف إليه بصيغة الجماعة: ﴿ ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ أَقَامُوا ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُوا بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ ٱلْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلْأُمُورِ ﴾ .
ومثل ذلك يقال في فريضة الصوم، وضرورة ترتيب أمور الحياة في رمضان ترتيبًا يُعين على الصيام والقيام والسحور وغيرها.