واشتدت الظلمات التي تسبق الفجر دائمًا، حتى أشرق نور الفجر، وأذن مؤذنه، وطلعت الشمس، وظهر النهار، وقامت ثورة الشعب المصري الحرِّ، الذي وقف صفًّا واحدًا كالبنيان المرصوص، يشدُّ بعضه بعضًا، والتحم المصريون كل المصريين، مسلمين ومسيحيين، إسلاميين وعلمانيين، مثقفين وأميين، مدنيين وقرويين، رجالًا ونساءً، شيوخًا وشبابًا، بل وأطفالًا. على قلب رجل واحد، يريدون الحرية والكرامة والعزة والعدالة، ولا يرضون أن يتحكم فيهم متحكم، ليسلب منهم حريتهم بأيِّ دعوى مـن الدعـاوى، أو تحت أيِّ اسـم مـن الأسـمـاء، أو عنوان من العناوين. واختار الشعب رئيسًا لهم، بأغلبيتهم في انتخاباتهم النزيهة الحرَّة: الدكتور محمد مرسي.
مساندتي لثورة يناير:
وقد كانت مواقفي في تأييد هذه الثورة ومساندتها، والاحتجاج لها، والدفاع عنها من أول يوم، من الوضوح والقوَّة، والتنوُّع والكثرة؛ بحيث لا تخطئها عين، ولا تنكرها أذن، ولا يجحدها مراقب، عن طريق الفتاوى الصريحة، والخطب البينة، والبيانات والكلمات المعبرة: الصادرة عنِّي شخصيًّا، وعن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي أرأسه.
كان هذا موقفي من ثورة مصر، وقبل ذلك كان موقفي من ثورة تونس، وبعد ذلك صار موقفي مع ثورة ليبيا، وثورة اليمن، وثورة سوريا. فأنا دائمًا مع الشعوب المظلومة، ضدَّ الحكَّام المستبدين والظالمين.
وكانت مواقف الذين حاربوها بفتاويهم ومقالاتهم ومناوراتهم أيضًا من الوضوح بمكان، وكان التمايز بين فريق علماء السلطة وعملاء الشرطة، وفريق العلماء الربانيِّين ﴿ ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَـٰلَـٰتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُۥ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَ ﴾ .