الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد ﷺ ، وعلى من اتَّبع سبيله ونهجه إلى يوم الدين.
( أما بعد)
فمن الجوانب المهمة للفقه الإسلامي في معالجة الحياة الإنسانية حتى تستقيم على الجادَّة، وترتفع عن البهيمية في شهوتها، وعن السبعية في غضبها، وعن الشيطانية في تسلُّطها على الآخرين بغير حق، إلَّا حق الغلبة والقوة، أو المكر والكيد: ما قدَّمه فقهنا الإسلامي من الفقه الجنائي والعقابي، أو كما يُسمَّى في تراثنا الفقهي «الحدود والقصاص والتعازير».
الفقه الجنائي ـ أو التشريع الجنائي، أو فقه الجناية والعقوبة ـ بحث علمي مهم، بل في غاية الأهمية، اهتم به وألَّف فيه رجال الحقوق وعلماء القانون في البلاد العربية والبلاد الإسلاميَّة، وفي العالم كله، كما اهتمَّ به علماء الفقه والأصول في الشريعة الإسلاميَّة، لكنَّ السبق فيه في عصرنا لرجال القانون، فقد ألَّفوا فيه، وغاصوا في بحاره، واستخرجوا من لآلئه وكنوزه ما يُباهَى به كلُّ مفاخر بما قدَّم، وكل معتزٍّ بما حصَّل.
مـقـدمــة