والأحكام التي تتعلق بالمرض والاحتضار، وتلقين الشهادة، والوفاة، والتغسيل والتكفين والصلاة والدفن، معروفة لدى عامة المسلمين، وهي التي تُعرض في الفقه الإسلامي تحت عنوان: «أحكام الجنائز».
الامتداد العرضي والأفقي للمنهج الإسلامي:
وكما يصحب الإسلامُ المسلمَ ـ طُوليًّا أو رأسيًّا أو زمنيًّا ـ عُمُرَه كله، يصحبه عَرْضيًّا أو أفقيًّا أو مكانيًّا في مجالات حياته كلها كذلك: في البيت، وفي المسجد، وفي المدرسة والجامعة، وفي السوق، وفي المزرعة، وفي المصنع، وفي المكتب، وفي المتجر، وفي كل عمل، يصحبه حين ينام، وحين يستيقظ، وحين يعمل ويكدُّ لدنياه، وحين يلهو ويُروح عن نفسه، وحين يتعبَّد لربِّه، وحين يتعامل مع خلقه، وحين يتعلم ويتثقَّف، وحين يسافر، وحين يُقيم، وحين يغدو ويروح، وحين يتعب، وحين يستريح. يشعر في ذلك كله أنَّه ملتزم بمنهج لا يجوز له التَّخلِّي عنه، أو الانفلات منه، بل يتلو دائمًا قول ربِّه: ﴿ قُلْ إِنَّنِى هَدَىٰنِى رَبِّىٓ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ 161 قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ 162 ﴾ .
الامتداد العمقي للمنهج الإسلامي:
وكما يمتدُّ الإسلام في حياة المسلم طُولًا وعَرْضًا، يمتدُّ فيها عُمْقًا، فهو ليس مع المسلم في أحواله المادية والظاهرية فحسب، التي يُعنى بها رجال القانون، ولكنَّه مع المسلم أيًّا كان وضعه، من ذكر أو أنثى، من حاكم أو محكوم، من غني أو فقير؛ في كل شؤونه وأحواله، الماديَّة والروحيَّة، والفكريَّة والاجتماعيَّة، والاقتصاديَّة والبيئية، إنَّه مع المسلم بأوامره ونواهيه، وتشريعاته ووصاياه، في تفكيره وثقافته، وفي عواطفه ومشاعره، في أكْلِه وشُربه، وفي مَلْبَسه، وفي زِينته، وفي مِشيته وجِلسته، وفي فرَحه وحُزنه، وفي ضَحِكه وبكائه، وفي نومه ويقظته، وفي جِدِّه وهزْله، وفي خلوته وجلوته.