وهو إذا أحبَّ أو كَرِه، رضِيَ أو سخط، فرح أو حزن، قبل أو رفض؛ مقيَّد بشرع الله، ولهذا جاء في الحديث: «لا يؤمنُ أحدُكم حتى يكونَ هواه تبعًا لما جئتُ به»(1). وقال ﷺ : «ثلاثٌ من كُنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه ممَّا سواهما، وأن يحبَّ المرءَ لا يحبُّه إلَّا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله كما يكره أن يُقذَف في النار»(2).
فهو يفرح بكل ما يناله هو أو من يحبه من خير، فرحَ المؤمنين لا فرح المستكبرين، الذين يفرحون بالماديات وحدها دون أن يؤدوا حقها، كفرح قارون الذي نصحه قومه وقالوا: ﴿ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ ﴾ . فبغى على قومه، ومشى في ركاب فرعون، وخسف الله به وبداره الأرض، ﴿ فَمَا كَانَ لَهُۥ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ ﴾ .
وهو يحزن على ما يصيبه من هموم، ولكن لا يُخرجه الحزن عن إيمانه بربِّه، وعن صدقه في سلوكه، ﴿ وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَـٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ ، وقال: ﴿ إِنَّمَآ أَشْكُوا بَثِّى وَحُزْنِىٓ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ . فهو حزن شديد، ولكن لا يفقد صاحبه الأمل، ولا يوئسه من روح الله، ولا من رحمة الله التي وسعت كل شيء، ولذلك يقول تعالى: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ . فالفرح المتَّصلُ بالله مطلوب، كما أن فرح المعجب بنفسه، والفرح بالشر غير مطلوب، كما قال تعالى لأهل النار: ﴿ ذَٰلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ ﴾ .
وهو إذا عبَّر عن فكره أو شعوره، بلسانه أو قلمه، بشعره أو نثره أو رسمه؛ مُقيَّد بشرع الله.