وأساس هذا: أنَّ القِيَم والأحكام والأعمال والتكاليف متفاوتة في نظر الشرع تفاوتًا بليغًا، وليست كلها في رتبة واحدة، فمنها الكبير ومنها الصغير، ومنها الأصلي ومنها الفرعي، ومنها الأركان ومنها المكملات، ومنها ما موضعه في الصُّلب، وما موضعه في الهامش، وفيها الأعلى والأدنى، والفاضل والمفضول.
وهذا واضح من النصوص نفسها، كما في قول الله تعالى: ﴿ ۞ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَآجِّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْـَٔاخِرِ وَجَـٰهَدَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُۥنَ عِندَ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ 19 ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَـٰهَدُوا فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِ ۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ 20 ﴾ .
وقول الرسول الكريم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة: أعلاها لا إلٰه إلَّا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق»(1).
وقد كان الصحابة @ حريصين كل الحرص على أن يعرفوا الأَوْلى من الأعمال، ليتقرَّبوا إلى الله تعالى به، ولهذا كثرت أسئلتهم عن أفضل العمل، وعن أحب الأعمال إلى الله تعالى، كما في سؤال ابن مسعود وأبي ذر وغيرهما، وجواب النبي ﷺ عن أسئلتهم. ولذا كثر في الأحاديث. أفضل الأعمال كذا، أو أحب الأعمال إلى الله كذا وكذا(2).