تمهيد حول عناية الإسلام بصحة الإنسان
ممَّا لا شك فيه أنَّه لا يوجد دين كالإسلام اهتم بصحة الإنسان وجسم الإنسان، على حين نجد الأديان الأخرى لم تُعِرْ هذا الأمر اهتمامًا، وهناك ديانات وفلسفات حاربت الجسد الإنساني؛ مثل: المانوية الفارسية، والبرهمية الهندية، والبوذية الصينية، والرهبانية المسيحية، والرِّوَاقية اليونانية، كل هذه حاربت الجسد بدعوى أن ذلك ضروري لصفاء الروح وارتقائها، ولكن الإسلام هو الدين الوحيد الذي جاء بالمنهج الوسطي الذي يعلِّم أتباعه التوازن بين الجسد والروح، كما علَّمه التوازن بين العقل والقلب، وبين الدين والدنيا، وبين المثالية والواقعية. ويعلِّمهم كذلك: أن نعمة (العافية) من أعظم نعم الله على الإنسان، ومنها: عافية البدن.
فلا غرو أن يسمع الناس في جو الدين: «إن لِبَدَنِكَ عليك حقًّا»(1). ومن حقِّه على الإنسان أن يُطعمه إذا جاع، ويسقيه إذا ظمئ، ويُريحه إذا تعب، ويُنظِّفه إذا اتَّسخ، ويُداويه إذا مرض. وهو يَعُدُّ الجسد أمانة عند الإنسان يجب عليه أن يرعاه وأن يحافظ عليه، فالمحافظة عليه جزء من المحافظة على الضرورية الثانية من الضروريات الخمس التي جاءت بها الشريعة(2)، بل الشرائع كلها. ولا يجوز أن يضرَّه أو يؤذيه كما جاء في الحديث: «لا ضررَ ولا ضِرار»(3). وقال تعالى: ﴿ وَأَنفِقُوا فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا ﴾ ، ﴿ وَلَا تَقْتُلُوٓا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ .