من أجل هذا أقول: إنَّه يجب على الإنسان أن يحافظ على جسده وصحته، كما يجب على الدولة المسلمة أن ترعى صحة المجتمع وقاية وعلاجًا، وقد شاعت بين المسلمين هذه الجملة: «صحة الأبدان مقدمة على صحة الأديان، ورب العباد رؤوف رحيم». فعامَّة الناس يقولون هذا الكلام، وقد أخذوه من الأحكام والرُّخَص الشرعيَّة.
ومن مظاهر عناية الإسلام بصحة الإنسان وسلامة بدنه: أننا نجد في جميع كتب الحديث أبوابًا كاملة عن الصحة والمرض، فنجد فيها كتاب الطب، أو كتاب التداوي، أو كتاب المرضى، كل هذا تجسيد للعناية بهذا الأمر.
ومن هنا جاء الحديث الصحيح: «ما أنزل اللهُ داءً إلَّا أنزل له شفاء»(1).
ومعنى هذا: أنَّه لا يوجد مَرَضٌ عُضَال يستعصي على الشِّفَاء، فكل داءٍ له شفاء ودواء، علمه من علمه، وجهله من جهله.
وهذا يُقَوِّي رُوح المريض، وينشئ عنده أملًا في الشفاء، وهذا الجانب النفسي المتفائل مهمٌّ ومعين على الشفاء، كما يجعل كل طبيب يسعى إلى إيجاد الدواء، عن طريق البحث العلمي، وإجراء التجارب، وتعاون العلماء في سبيل هذه الغاية المشروعة.
وحلّ النبي ﷺ مشكلة كبيرة في كثير من الأديان، وهي مشكلة القدر، ذلك أنَّه كان يقال: إذا كان ربنا قدَّر علينا المرض، فهل نحادُّ القَدَر أو نخالفه؟ وإذا كان قدر علينا الموت، فنحن حتمًا سنموت، فلِمَ السعي إلى العلاج؟ ولهذا سأل الصحابة رسول الله ﷺ ، قالوا: يا رسول الله، أرأيت أدويةً نتداوى بها، ورُقًى نسترقيها، وتُقاة نتقيها: هل تردُّ من قدر الله شيئًا؟ فكان جوابـه الحـاسـم قال: «هـي مـن قَدَر الله»(2).