وعلى نهج فتاوى الشيخ رشيد رضا، جاءت من بعده فتاوى الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت، شيخ الجامع الأزهر الأسبق 5 ، فالرُّوح هي نَفْس الرُّوح، والنَّهْج هو نفس النهج، وإن كان السيد رشيد يمتاز بطُول باعه في معرفة السنة وعلوم الحديث، وهو الأمر الذي قصَّر فيه كثير من المشتغلين بالفقه في عصرنا، وفيما قبل عصرنا بقرون، إلا من رحم الله.
· جلالة منصب الفتوى:
الفتوى منصب عظيم الأثر، بعيد الخطر، فإنّ المفتي ـ كما قال الإمام الشاطبي ـ قائم مقام النبي ﷺ فهو خليفته ووارثه: «العلماء ورثة الأنبياء»(1)... وهو نائب عنه في تبليغ الأحكام، وتعليم الأنام، وإنذارهم بها لعلهم يحذرون، وهو إلى جوار تبليغه... في المنقول عن صاحب الشريعة، قائم مقامه في إنشاء الأحكام في المستنبَط منها بحسَب نظره واجتهاده.
فهو من هذا الوجه ـ كما قال الشاطبي ـ شارعٌ، واجب اتباعه، والعمل على وَفْق ما قاله، وهذه هي الخلافة على التحقيق(2).
واعتبر الإمام أبو عبد الله ابن القيم المفتيَ مُوَقِّعًا عن الله تعالى، فيما يُفتي به، وألَّف في ذلك كتابه المشهور: «إعلام الموقعين(3) عن ربّ العالمين» الذي قال في فاتحته: