الحمد لله وكفى، وسلام على رسله الذين اصطفى، وعلى خاتمهم محمد المجتبى، وعلى آله وصحبه أئمة الهدى، ومَن بهم اقتدى فاهتدى.
( أما بعد)
فإنّ للاجتهاد في الشريعة الإسلامية منزلة كبيرة؛ فإن الشريعة لا تؤتي أُكلها، ولا تحقِّق أهدافها في حياة الفرد والأسرة والجماعة والأمة إلا بإعماله، في مجالاته المختلفة، وعلى كلِّ مستوياته المتباينة، وبكلِّ أصنافه المتنوِّعة، من اجتهاد إنشائي، أو اجتهاد انتقائي، ومن اجتهاد مطلق، أو اجتهاد جزئي، ومن اجتهاد فردي، أو اجتهاد جماعي.
وللاجتهاد في الشريعة: صور شتَّى، فمنه اجتهاد في القضاء يمارسه القضاة، ولا سيما في عصور الاجتهاد الإسلامي، وقبل تقنين الأحكام في مواد، وإيجاب التقيُّد بها على القضاة، وتحريم الاجتهاد عليهم إلا فيما يتعلَّق بتحقيق المناط.
ومن صور الاجتهاد: التقنين. أي وضع الأحكام في صيغة مواد قانونية، حسب اختلاف الموضوعات؛ فهناك قانون الأسرة، والقانون المدني، والقانون الجنائي، والقانون الإداري والمالي، وغيرها.
مقدمة الطبعة الأولى