***
2
***
مَن نظر في تراثنا الفقهي ـ ولا سيما في القرون الأولى ـ قلَّما يجد فتوى محكومًا عليها بالشذوذ، وذلك لأمرين:
أوّلهما: أنهم كانوا يتهيَّبون الفتوى، ويهربون منها، ويُحيل بعضهم على بعض.
وثانيهما: أنهم كانوا يتشاورون في المسائل المهمَّة، ولا يستبدُّ أحدهم برأيه، فكانت بركة المشاورة تحميهم من الوقوع في الخطأ والشذوذ.
فتوى إيجاب الصيام دون العتق لمن جامع في رمضان:
وقد وجدت من الفتاوي الشاذَّة التي ذكرها علماؤنا السابقون: ما نقله الإمام الغزالي في كتابه «المستصفى من علم الأصول»، ممثِّلًا للمصلحة التي شهد الشرع لبطلانها بنصٍّ معيَّن.
قال: «مثاله: قول بعض العلماء لبعض الملوك لمَّا جامع في نهار رمضان: إنّ عليك صوم شهرين متتابعين! فلمَّا أُنكر عليه حيث لم يأمره بإعتاق رقبة، قال: لو أمرتُه بذلك لسهل عليه، واستحقر إعتاق الرقبة في جنب قضاء شهوته، فكانت المصلحة في إيجاب الصوم، لينزجر به.
الشذوذ في الفتوى في تراثنا الفقهي
2