فصلِّ اللَّهم عليه وعلى آله، وسلِّم تسليمًا كثيرًا، كما صلَّيْتَ على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم في العالَمين، إنك حميد مجيد.
وارْضَ اللَّهم عن أصحابه الغُرِّ الميامين، الذين آمنوا به وعزَّروه ونصروه، واتبعوا النور الذي أنزل معه، أولئك هم المفلحون، وعن الذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين.
( أما بعد)
فإنَّ أعظم نِعَم الله تبارك وتعالى علينا وأتمَّها وأبقاها: أن هدانا للإسلام، دين الله الذي أنزل به كتبه، وبعث به رسله، ولا يقبل دينًا غيره: ﴿ إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلْإِسْلَـٰمُ ﴾ ، ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلْإِسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلْـَٔاخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ ﴾ .
أكمله الله لنا، وأتمَّ به النعمة علينا، وكان له سبحانه علينا بذلك أعظم الفضل والمِنَّة: ﴿ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلْإِسْلَـٰمَ دِينًا ﴾ .
حرَّف أهلُ الكتاب قبلنا كتابَ الله الذي أُنزل إليهم، وبدَّلوا دين الله الحق، وكتبوا الكُتب بأيديهم، ثم قالوا: هذا مِن عند الله، ليشتروا به ثمنًا قليلًا، ولوَوْا ألسنتهم بالكتاب ليُحَسب من الكتاب وما هو من الكتاب، ثم حرَّفوا الكتاب مرة أخرى تحريفًا معنويًّا، بأن فسَّروه تبعًا لأهوائهم، وخدمة لأغراضهم، فضلُّوا وأضلُّوا.
وزاد الأمر خبالًا أنهم: ﴿ ٱتَّخَذُوٓا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَـٰنَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ ٱللَّهِ ﴾ يُحِلُون لهم ما شاؤوا مما حرَّم الله، ويُحرِّمون عليهم ما أرادوا مما أحلَّ الله، فيطيعونهم طاعة العابد لمعبوده، لا يُسألون ولا يُناقَشون، فقد جعلوا لهم سُلطانًا مع سلطان الله 8 ، فتعالى الله عما يشركون.