فلو صحت ثقافة أمة واستقامت، وتكلمت وتوازنت وسلمت من عوامل التشويه والتحريف ـ كما هو الأصل في ثقافتنا ـ لكان لها أثرها البالغ في صحة توجه الأمة واستقامتها وتكاملها وتوازنها. وإذا حدث العكس كانت النتيجة عكسية، لأن الثمرة من جنس الشجرة، وصدق الله إذ يقول: ﴿ وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذْنِ رَبِّهِۦ ۖ وَٱلَّذِى خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ﴾ .
أما قضية «الأصالة والمعاصرة» في ثقافتنا فهي قضية قديمة جديدة.
فمنذ كنا طلابًا صغارًا، ونحن نقرأ ونسمع ونتابع أنباء صراع فكري أدبي محتدم بين تيارين متعارضين يعبَّر عن أحدهما بـ «القديم»، ويعبَّر عن الآخر بـ «الجديد».
ومما قرأناه من آثار هذه الحرب التي تسلُّ فيها الألسنة لا الأسنَّة، وتشحذ فيها الأقلام لا السيوف: كتاب «تحت راية القرآن» أو «المعركة بين القديم والجديد» لأديب العربي والإسلام مصطفى صادق الرافعي، الذي شنَّ فيه الغارة على الدكتور طه حسين وكتابه عن «الشعر الجاهلي».
وفيه سخر الرافعي من هؤلاء «المجددين» الذين يريدون أن يجددوا الدين واللغة والشمس والقمر(1) !
ومما قرأناه شعرًا من آثار هذه المعركة قول أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته الشهيرة عن «الأزهر»(2) مشيرًا إلى الغلاة من دعاة التجديد، وأعداء القديم: