وقال تعالى: ﴿ وَكَانَ ٱلْإِنسَـٰنُ قَتُورًا ﴾ أيْ: بخيلًا وشحيحًا، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ ٱلْإِنسَـٰنَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ ، وقال تعالى: ﴿ وَكَانَ ٱلْإِنسَـٰنُ عَجُولًا ﴾ ، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ ٱلْإِنسَـٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٌ ﴾ أي: إنَّ الإنسان لِنعَمِ ربِّه وخالقه ورازقه ومُمدِّه بَعطاءاته لكفورٌ جَحودٌ، إلى غير ذلك من الآيات الَّتي تدلُّ على أن الإنسان لو تُرك لطبعه وحده لبغى وطغى، كما قال المتنبِّي:
والظُّلْمُ من شِيَمِ النُّفُوسِ، فإنْ تَجِدْ
ذا عِفَّةٍ، فَلِعِلَّةٍ لا يَظْلِمُ(1)!
لهذا كانت النَّفس في أمسِّ الحاجة إلى الهداية من الرحمن، وإلى التزكية والمجاهدة من الإنسان.
ووصف النَّفس بأنَّها «أمَّارة بالسُّوء» جاء في القرآن في قصَّة يوسف على لسان امرأة العزيز، بعد أن حقَّق معها في قضية يوسف ودخوله السجن واتهامه بالباطل، وبعد أن برَّأته من كل تُهمة ونقيصة، قالت: ﴿ وَمَآ أُبَرِّئُ نَفْسِىٓ ۚ إِنَّ ٱلنَّفْسَ لَأَمَّارَةٌۢ بِٱلسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّىٓ ۚ إِنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ .
وواضح من السياق أنَّ الكلام لامرأة العزيز لا ليوسف، فقد انقطع كلامه من قبل، وكأنَّ بعضهم استنكر أن يكون هذا الكلام من المرأة، فزعم أنَّه ليوسف 0 .
ووصف «أمَّارة» جاء بصيغة المبالغة بمعنى أنَّها كثيرة الأمر بالسُّوء؛ لأنَّ ذلك لا يكون منها مرةً أو مرتين ثمَّ تكفُّ وتنتهي، بل هي مستمرَّة على ذلك، فتدفع الإنسان إلى الخطايا، بفعل المحظور أو ترك المأمور.