وقال الحسن أيضًا: المؤمن قوَّام على نفسه، يحاسبها لله، وإنما خفَّ الحساب على قومٍ حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنَّما شقَّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة(1).
وقال ميمون بن مهران: المؤمن أشدُّ حسابًا لنفسه من سلطان غاشم، ومن شريك شحيح(2).
الضمير الحي:
وهذه «النَّفس اللوَّامة» هي الَّتي يعبِّرون عنها في عصرنا بـ «الضمير الحي»، وهو الوازع الذاتي الَّذي لا يبرح يلوم الإنسان عند ارتكاب المخالفات، أو التفريط في الواجبات.
بل قد يشتدُّ هذا الوازع ويقوى حتَّى يعاقب صاحبه على تفريطه أو تعدِّيه، فيلدغه لدغًا من داخله، بل قد يكويه كيًّا، كلما رقَّ حجابه، وغلب إيمانه على هواه، وانقادت نفسه الأمَّارة لنفسه اللوَّامة.
فالنَّفس إذا قمت بتزكيتها وراقبتها وحاسبتها، تنتقل من الأمَّارة إلى اللوَّامة. أما النَّفس الَّتي لا تلوم صاحبها، بفعل محظور، أو ترك مأمور، فهي النَّفس الميتة، لا تبالي بأيِّ شيء، سيَّان عندها الحلال والحرام، والطَّاعة والمعصية، والهدى والضَّلال.
وهناك من ماتت أنفسهم، كما نقول بالتعبير العصري: ماتت ضمائرهم، ولا يحسُّون بأنَّهم موتى.