س: هل كلُّ ما يحدُث للإنسان في الدنيا مكتوب عليه من الأزل: الموت والرزق، والنجاح والفشل، والسعادة والشقاء في الدنيا، وإن كان من أهل الجنَّة أو أهل النَّار، فما قيمة سعي الإنسان إذن؟ وهل للأطباء أن ينقذوا إنسانًا من الموت في حادثة من الحوادث؟ وهل للاجتهاد والعمل المتواصل، أو حسن إدارة التجارة أو الزراعة علاقة بزيادة الرزق، أم أن الرزق محدد مقدر عملنا أم تكاسلنا؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه.
(وبعد)
هذا السؤال سؤال قديم معروف، ويبدو أنَّه مهما طال الزمن سيظل يَخْطِر على الأفئدة، ويدور على الألسنة.
ولا داعي للحيرة في شأنه، فإنَّ الإسلام قد شفى في جوابه وكفى.
(أ) أمَّا أن كلَّ ما في الكون مكتوبٌ مسجَّل، فهذا معلومٌ من الدِّين بالضَّرورة، ولا شكَّ فيه، وإن كنَّا لا نعلم كيفية الكتابة، وماهيَّة الكتاب، وكلُّ الَّذي نعلمه أنَّ الله تعالى قد أبدع هذا الكون بأرضه وسمائه، وجماداته وأحيائه، على وَفْقِ تقديرٍ أزليٍّ عنده، وأنَّه أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كلِّ شيءٍ عددًا، وأنَّ كلَّ ما يحدُث في هذا الكون العريض يحدُث وَفْق علمه وإرادته، ﴿ وَمَا تَكُونُ فِى شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِن قُرْءَانٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا فِى ٱلسَّمَآءِ وَلَآ أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكْبَرَ إِلَّا فِى كِتَـٰبٍ مُّبِينٍ ﴾ ، ﴿ وَعِندَهُۥ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَآ إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِى ظُلُمَـٰتِ ٱلْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِى كِتَـٰبٍ مُّبِينٍ ﴾ ، ﴿ مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا فِىٓ أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِى كِتَـٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ .
حول القضاء والقدر