والثانية: هي اتِّباع الهوى، والهوى يُعمي ويُصمُّ، وهو شرُّ إلٰه عُبد في الأرض، كما قال ابن عبَّاس _ (1). ﴿ أَفَرَءَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِۦ وَقَلْبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَـٰوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِنۢ بَعْدِ ٱللَّهِ ﴾ .
فإذا اجتمعت الآفتان في شخص أو في فئة من النَّاس كانت الطَّامَّة، كما قال تعالى في شأن المشركين الَّذين اتخذوا اللَّاتَ والعزى ومناة الثالثة الأخرى آلهة لهم: ﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلْأَنفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰٓ ﴾ .
وهؤلاء النَّاس الَّذين ذكرهم السائل في سؤاله يتَّبعون الظنون الَّتي لا تُغني من الحقِّ شيئًا، ويخلطون معها الهوى الَّذي يُضِلُّ الإنسان عن سبيل الله، ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ ﴾ .
فهؤلاء يأخذون بعض الكلام دون بعض، ويقطعون الكلام عن سياقه، فيحرفون الكَلِم عن مواضعه، على طريقة «لا تقربوا الصلاة» وعلى نحو ما كان يفعله اليهود في عهد النبوَّة.
فهم يقولون متبجِّحين: القرضاوي يُخطِّئ رسول الله ﷺ ، فداه أبي وأمي. بهذه العبارة الخشنة الجافية الموهمة.
لقد دلَّت الأدلَّة الكثيرة الناصعة على أنَّه ﷺ كان يجتهد، بل هو سيِّد المجتهدين وإمامهم، كما أنَّه إمام أُمَّتِه في كلِّ فضيلة، والاجتهاد لاستنباط الأحكام من النصوص هو من أجل الفضائل، وأعظم المكارم، فينبغي أن يكون أسوة فيها، كما في غيرها.