وعلى كلِّ حال، ما تستطيع قراءته تقرؤه، والله تعالى يثيبها على نيَّتها الصالحة، وتمنِّيها هذا يثاب الإنسان عليه، فقد جاء في الحديث الَّذي رواه الترمذي بسند صحيح: أنَّ النبيَّ ﷺ قال: «إنَّما الدنيا لأربعةِ نفرٍ: عبد رزقه الله مالًا وعلمًا، فهو يتَّقي فيه ربَّه، ويصل فيه رَحِمَه، ويعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالًا، فهو صادق النيَّة يقول: لو أنَّ لي مالًا لعملتُ بعملِ فلان، فهو بنيَّته، فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالًا ولم يرزقه علمًا، فهو يَخْبِط في ماله بغير علم، لا يتَّقي فيه ربَّه، ولا يصل فيه رَحِمَه، ولا يعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأخبثِ المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالًا ولا علمًا، فهو يقول: لو أنَّ لي مالًا لعملتُ فيه بعمل فلان. فهو بنيَّته فوِزْرُهما سواء»(1).
الرجل الأوَّل آتاه الله علمًا، أي: بصيرة ومعرفة بالحقوق والحدود، ولذلك هو ينفق ماله فيما يُرضي الله 8 ، فهذا بأعظم المنازل عند الله، والرجل الثَّاني آتاه الله علمًا وفقهًا وبصيرةً في الدِّين، ولم يؤته مالًا، فيتمنَّى أن يكون له مالٌ فيتصدَّق به وينفقه في سبيل الخيرات، فالنبيُّ ﷺ يبيِّن أنَّهما في الأجر سواء، الأوَّل بعمله، والثاني بنيَّته.
فهذا يدلُّنا أن النيَّة لها قيمة عظيمة في الإسلام، فقد يتمنَّى الإنسان شيئًا، ويعيش متمنِّيًا أنْ لو فعل كذا وكذا، ويعلم الله صدق نيَّته فيثيبه على هذه النيَّة، وكما قال ﷺ : «إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى»(2).