ومنها ما لا يعترف لله بشيء من ذلك، إنما يؤله نفسه، أو يؤله أحدًا من جنسه أو من غير جنسه، ويزعم أن الله لم يخلق الإنسان، وإنما الإنسان هو الذي خلق الله، أي اخترع فكرة الألوهية ليخدع بها نفسه، أو يخدع بها الآخرين ويلهيهم عن المطالبة بحقوقهم المنهوبة بما يوعدون به في الآخرة المزعومة، وبهذا تخدر الشعوب والجماهير بأفيون الدين.
ثقافتنا عربية إسلامية:
إن ثقافتنا ـ نحن العرب والمسلمين ـ ثقافة متميزة، سنتحدث عن خصائصها بعد قليل. ولكن كثيرين يسألون عن هوية هذه الثقافة: أهي عربية أم إسلامية؟ وهم يقيمون صراعًا متوهمًا بين العروبة والإسلام، وكأن إثبات أحدهما ينفي الآخر بالضرورة.
وهذا غير صحيح، فإن العربية هي لسان الإسلام، لسان قرآنه وسنة نبيه، ولسان عبادته، ولسان التفاهم المشترك بين علمائه، والعروبة هي وعاء الإسلام، ورسول الإسلام عربي، وصحابته الذين تربوا في حجره عرب، ومنطلق الإسلام من أرض العرب، ومساجد الإسلام الكبرى، التي لا تشد الرحال إلا إليها، كلها في أرض العرب.
والإسلام هو الذي أخرج العرب من الظلمات إلى النور، وحولهم من رعاة غنم إلى رعاة أمم، وهو الذي علَّمهم من جهالة، وجمعهم من فرقة، وأورثهم ممالك الأكاسرة والقياصرة، وجعلهم بنعمته إخوانًا، وجعل لهم ذكرًا في العالمين.
الإسلام هو الذي جعل العرب «أمة» بعد أن كانوا قبائل متناحرة، وجعل لهذه الأمة رسالة وحَّدت أهدافهم وآمالهم، وجنَّدت طاقاتهم في سبيلها.
ومن الملاحظ أن كلمة «العروبة» في مصر وفي بلاد المغرب العربي كلها، ممتزجة بالإسلام امتزاج الجسم بالروح، فلا يكاد يفرق الفرد العادي بينهما. إذا قلت: اللهم انصر العرب. تساوي عنده: اللهم انصر المسلمين. والعربي عند المغاربة يعني المسلم. وقد عبر عن هذا المعنى الشاعر المصري المعروف محمود غنيم في قصيدته الشهيرة «وقفة على طلل» فقال: