ومن الملاحظ أن كلمة «العروبة» في مصر وفي بلاد المغرب العربي كلها، ممتزجة بالإسلام امتزاج الجسم بالروح، فلا يكاد يفرق الفرد العادي بينهما. إذا قلت: اللهم انصر العرب. تساوي عنده: اللهم انصر المسلمين. والعربي عند المغاربة يعني المسلم. وقد عبر عن هذا المعنى الشاعر المصري المعروف محمود غنيم في قصيدته الشهيرة «وقفة على طلل» فقال:
هي العروبةُ لفظٌ إن نطقت به
فالشرق والضاد والإسلام معناه(1)
والقوميون العرب الأقحاح يجعلون أساس العروبة اللغة والتاريخ، واللغة هي لغة القرآن، والتاريخ الحي للعرب هو تاريخ الإسلام.
ومن هنا لا نرى تناقضًا بين العروبة والإسلام، ولا نجد أي غضاضة في وصف ثقافتنا التي نعتز بها والانتماء إليها: أنها ثقافة عربية إسلامية معًا ـ لا نقول هذا مجاملة للإسلام، ولا تملقًا للعروبة، بل هي الحقيقة الناصعة التي دلَّت عليها كلُّ الدلائل والبراهين.
هي ثقافة عربية، بحكم اللغة الأساسية التي كتبت بها، وعبرت عنها.
بحكم روح القرآن العربي السارية في جنباتها، المؤثِّرة في أعماقها.
بحكم تأثير البيان النبوي العربي والأسوة المحمدية في مسيرتها.
بحكم أن العنصر العربي كان هو العنصر الأول في تكوينها.
بحكم أن جزيرة العرب كانت مهبط وحيها، ومنطلق دعوتها.
وهي مع ذلك، وقبل ذلك: ثقافة إسلامية بلا ريب:
بحكم الأهداف التي تتوخَّاها، والحوافز التي تدفعها.
بحكم الفلسفة والتصورات التي تحرِّكها، وتفجِّر طاقاتها.