بقي هنا سؤال عن نقطة ورد بها الحديث، وهي التحذير من فتنة النساء مثل قوله ﷺ : «ما تركتُ بعدي فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء»(1).
وأقول: إنَّ التحذير من الافتتان بشيء، لا يعني أنَّه شرٌّ كله، وإنَّما يعني أنَّ لهذا الشيء تأثيرًا قويًّا على الإنسان، يخشى أن يشغله عن الله والآخرة.
ومن هنا حذَّر الله من الفتنة بالأموال والأولاد في أكثر من آية في كتاب الله، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَآ أَمْوَٰلُكُمْ وَأَوْلَـٰدُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَٱللَّهُ عِندَهُۥٓ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ ، ﴿ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَٰلُكُمْ وَلَآ أَوْلَـٰدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ ﴾ .
هذا مع تسميته سبحانه المال «خيرًا» في عدَّة آيات من القرآن، ومع اعتباره الأولاد نعمة يهبها الله لمن يشاء من عباده: ﴿ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَـٰثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ ﴾ . وامتنانه على عباده بأن منحهم الأولاد والأحفاد، كما رزقهم من الطيبات: ﴿ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَـٰتِ ﴾ .
فالتحذير من فتنة النساء كالتحذير من فتنة الأموال والأولاد، ولا يعني أنَّ هذه النِعَم شرٌّ، وشرٌّ كلُّها! بل يحذِّر من شدة التعلق بها إلى حدِّ الافتتان، والانشغال عن ذكر الله.