هذا كتاب يتناول موضوع (مقاصد الشريعة المتعلقة بالمال)، وذلك بالربط بين نصوص الشريعة الجزئية ومقاصدها الكلية المتعلقة بالمال، حتى تفهم هذه النصوص في ضوء تلك المقاصد.* اتَّفق جميع الفقهاء والأصوليين منذ عصر الإمام أبي حامد الغزالي (ت 505 هـ.) على...
لا يمكن أن يتمَّ تجديد أو تطوير أو إصلاح في فقهنا الإسلامي، أيًّا كان موضوعه ومجاله، في الاقتصاد أو في السياسة أو الإدارة، أو الجنايات والعقوبات، أو الجهاد والعَلاقات الدولية؛ إلا بإعمال هذا المبدأ وإبرازه والتركيز عليه، وهو فَهم النصوص في إطار مقاصدها وأهدافها.
الفقه وأصوله \ 13 صـ
عدَّ القرآن في كثير من آياته: المال وسَعَة الرزق من مثوبة الله العاجلة لعباده الصالحين في الدنيا. قال تعالى على لسان نوح: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح:10-12]. وقال تعالى عن أتباع الأنبياء الصادقين: {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:148].
الفقه وأصوله \ 43 صـ
أما النظرة الحرفية والظاهرية التي تتشبَّث بها بعض المدارس، فهي لا تصوِّر الإسلام الحقيقي، ومثلها الذي يغفل النصوص الجزئية الواردة في محكمات القرآن وصحيح السنة، بدعوى الاعتماد على رُوح الإسلام أو مجرَّد المصلحة أو نحو ذلك
الفقه وأصوله \ 11 صـ
الإسلام يعتبر المال وسيلة هامَّة لتحقيق مقاصد شرعية دنيوية وأخروية، فردية واجتماعية. فلا يستطيع المرء أن يحافظ على حياته المادية إلا بالمال، فبه يأكل، وبه يشرب، وبه يلبس، وبه يبني مسكنه، وبه يصنع سلاحه الذي يدافع به عن نفسه وحرماته، وبه يطوِّر حياته ويرقِّيها، وبه يستطيع أن يزكِّي ويتصدَّق ويعتق الرقاب، ويسهم في الخيرات.
الفقه وأصوله \ 12 صـ
اعتبر القرآن المال {قِيَامًا} أو «قِوامًا» لحياة الناس، أيْ أنه - كما يقولون في عصرنا - عَصَب الحياة، قال تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء:5]. وقد وصف كثيرًا من الأنبياء بالغنى والمال، كالأنبياء الذين آتاهم الله الملك، مثل يوسف عليه السلام، الذي مكَّن الله له في أرض مصر يتبوَّأ منها حيث يشاء، وداود عليه السلام، الذي آتاه الملك والحكمة، وسليمان عليه السلام، الذي آتاه الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده.
الفقه وأصوله \ 12 صـ
ذكر القرآن أن المال ليس نقمة ولا شرًّا على الإنسان في ذاته، كما يعتقد بعض أصحاب الأديان والفلسفات التي تقوم على الحرمان من الطيبات، وعلى تعذيب الجسد حتى تسمو الروح، مثل: البَرْهَميَّة في الهند، والبوذية في فارس، والرِّوَاقِيَّة في اليونان، والنصرانية وبخاصة الرهبانية فيها؛ بل رأينا القرآن يسمِّي المال «خيرًا» في عدد من آياته، كما في قوله تعالى عن الإنسان: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات:8].
الفقه وأصوله \ 7 صـ
لا يمكن أن يتمَّ تجديد أو تطوير أو إصلاح في فقهنا الإسلامي، أيًّا كان موضوعه ومجاله، في الاقتصاد أو في السياسة أو الإدارة، أو الجنايات والعقوبات، أو الجهاد والعَلاقات الدولية؛ إلا بإعمال هذا المبدأ وإبرازه والتركيز عليه، وهو فَهم النصوص في إطار مقاصدها وأهدافها.